الأحد، 10 ديسمبر 2023

هل السبئيين و اليمنيين عرب من خلال الحديث النبوي؟؟؟


هل السبئيين  و اليمنيين عرب من خلال الحديث النبوي؟؟؟



غريب امر القومجيين المستعربين في شمال افريقيا وصل بهم الهذيان ان نسبوا قبائل امازيغية كبيرة الى الحميريين السبئيين اليمنيين وقبل ذلك نسب بعض المدلسين العرب قبائل سبا اليمنية الى العرب فاصبحنا نسمع ان كتامة وصنهاجة الامازيغية عرب حميريين يمنيين و الحقيقة ان الامازيغ ليسوا عرب بل الاكثر من ذلك علم الجينات و التاريخ و الاثر بينت ان السبئيين لم يكونا في يوم من الايام عربا في اصلهم وفي لسانهم و خطهم و في شكلهم فالمسألة التي تستحق الانتباه، هي ان المصادر اليمنية التي تعتبر أولى الحضارات الكتابية في الجزيرة العربية،او الاثار القديمة  لم تشر ولا مرة الى أسم (عرب) طيلة أكثر من ألف عام أي حتى القرون الاخيرة قبل الاسلام (449م) (542م)..

فكانت تطلق على نفسها تسميات عدة مثل سبأيين ومعينيين وحميريين وغيرها، إلاّ تسمية(عرب)!

وهذا دليل كاف على ان تسمية (عرب) قد أتت من الشمال  الشامي، حيث موطن العرب الاصلي ومنه اكتسبوا تسميتهم.فاقدم ذكر لاسم عرب يعود للقرن التاسع قبل الميلاد مذكور في اللوح الاشوري للملك شلمنصر الثالث طكر انه حارب العرب في شمال الجزيرة العربية وهي منطقة لا علاقة لها باليمن في الجنوب

 والاكثر من هذا ان لغات اليمن تختلف عن اللغة العربية الشمالية التي انبثقت منها اللغة العربية، ولا تشترك معها إلاّ في كونها من اللغات السامية، وقد كان علماء المسلمين المتقدمين يدركون ذلك حتى قال أبو عمرو بن العلاء (770م) : (ما لسان حمير بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا).

يضاف الى ذلك، ان (خط المسند) الذي كان سائداً في اليمن، رغم انه من أصول (كنعانية)، إلاّ أنه بعيد تماماً عن(الخط العربي) الذي اشتق من الخط النبطي ألآرامي المعروف بالخط الحجازي ثم من الخط الأسطر-نجيلو السيرياني المعروف بالكوفي.

من الناحية الأنثروبولوجية يبدو واضحا و رغم الأختلاط أن اليمنيين يختلفون تماما في سحناتهم عن العدنانيين وعن  الشوام و الشمال أفريقيين

اذا بلزم على الذين يزعمون كذبا ان قبائل الامازيغ عرب حميريين سبئيين عليهم ان يثبتوا اولا عروبة السبئيين  

لهذا نقول ان الكثير من  المؤرخين العرب في القديم و الحاضر يمارس كتابة التاريخ  كحاطب ليل يجمع كل ما وقعت يده عليه دون علم بحقيقته هل هو حطب ام بلاستيك ، فرأينا في كتب الأنساب والتاريخ العربية أحداثا متضاربة ، وأسماء مبتكرة ،  ومشجرات أنسابٍ  وهمية طرأت على الأنساب العربية بعد صدر الإسلام ، ولم تكن موجودة قبله بل تعدى التدليس و الكذب الى القوميات الاخرى الغير عربية مثل الفرس و الامازيغ و اليمنيين و الاتراك وغيرهم من المسلمين و الطامة الكبرى ان بعض هؤلاء المدلسين استعمل روايات منسوبة كذبا الى الرسول محمد عليه الصلاة و السلام لاثبات نسب عربي لقبيلة غير عربية

فالآثار السلبية للأحاديث الضعيفة والموضوعة لا تقتصرعلى عقيدة المسلمين وعباداتهم  وفقط بل وصل أثرها السلبي إلى أصغر ابواب العلوم والفنون شأنًا كرواية التاريخ القديم وكتابته ، ومن المؤسف أن هذه الأحاديث كانت تمثل المصدر الأول لكثير من الاخباريين الذين لا يميزون بين الحديث الصحيح والضعيف ، فأنتج تداخلها مع رواية التاريخ الحقيقي روايةً تاريخيةً كسيحة لا تستطيع مقاومة نظرة تدبريَّةٍ ناقدةٍ في كتاب واحد من كتب التاريخ والأنساب والأمثلة على ذلك كثيرة يراها كلُّ فَطِن ، ولا شك أن الأخذ بالحديث النبوي الشريف وجعله المصدر الأول لرواية التاريخ و الانساب هو أمر محمود ولكن بشرط أن يكون المؤرخ على علم كافٍ بدرجة الحديث الذي يستشهد به وصحة اسانيده و صحة متنه ويجعله مصدرا لمعلومته بالرجوع إلى ما كتبه أهل الحديث عن سند ومتن الحديث ثم يضع ما وجده من كلامهم في الهامش لكي لا يلبِّس على القراء ، ولكن في الحقيقة ،وجدنا الكثير من الانساب و القصص التاريخية في المراجع القديمة و الحديثة تعتمد على احاديث لا اساس لها من الصحة  وكل هذا حدث بسبب الأخذ بأحاديث ضعيفة وموضوعة يسَّرت الطريق لأصحاب الأهواء والمتعصبين أن ينسجوا قصصًا من خيالاتهم تتكأ على تلك الأحاديث ، أو الاعتماد على الاسرائيليات والاستنتاجات المبنية على ما سبق .ومن اكبر الصراعات في بلاد شبه الجزيرة العربية هو صراع قديم جديد بين اليمنيين القحطانيين مع العدنانيين الاسماعليين فكل يرى نفسه عربي حقيقي و ينفي عروبة الاخر

وفي هذا الموضوع سنأخذ حديثا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة ونرى مدى أثره على كتابة تاريخ وأنساب العرب و الذي يستند اليه اصحاب خرافة عروبة اليمن :

نص الحديث :

عن فروة بن مسيك المرادي قال - في سياق قصة -: « ... فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا سَبَأٌ ، أَرْضٌ أَوْ امْرَأَةٌ ؟ قَالَ : لَيْسَ بِأَرْضٍ وَلَا امْرَأَةٍ ، وَلَكِنَّهُ رَجُلٌ وَلَدَ عَشْرَةً مِنَ العَرَبِ ، فَتَيَامَنَ مِنْهُمْ سِتَّةٌ ، وَتَشَاءَمَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ تَشَاءَمُوا : فَلَخْمٌ ، وَجُذَامُ ، وَغَسَّانُ ، وَعَامِلَةُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ تَيَامَنُوا : فَالأُزْدُ ، وَالأَشْعَرِيُّونَ ، وَحِمْيَرٌ ، وَمَذْحِجٌ ، وَأنْمَارٌ ، وَكِنْدَةُ . فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا أَنْمَارٌ ؟ قَالَ : الَّذِينَ مِنْهُمْ خَثْعَمُ ، وَبَجِيلَةُ » .

نذكر بعد ظهور نتائج الحمض النووي ، نشأ صراع عربي  قحطاني عدناني كبير حول النتائج الجينية ،خاصة ان علم الجينات اثبت حقيقة ان هناك تجمع للاغلبية الساحقة من اليمنيين على تحور  ج1 ل 144 بنسبة 60 بالمية بينما العدنانيين في شمال اليمن تكتلوا اغلبهم على خط جيني اخر موازي هو ج1 ل222 مما ياكد ان مصطلح القحطانيين و العدنانيين حقيقة تاريخية و ايضا حقيقة جينية وكلاهما يدعي العروبة  فظهرت على السطح ظاهرة الاستدلال ببعض الأحاديث النبوية في الأنساب ، وهذا في حد ذاته شيء طيب ومقبول ومشروع .خاصة من قبل اليمنيين وكان من ضمن الأحاديث التي شاع الاستدلال بها (حديث أبناء سبأ العشرة) ، وبما ان بعض المؤرخين اليمنيين نسبو  بعض القبائل الامازيغية  مثل صنهاجة وكتامة وزواوة و اخرون الى حمير السبئية ومن ذلك قال البعض ان هذه القبائل عربية حميرية بينما الحقيقة التاريخية و الجينية و الركيلوجية بينت انه لا علاقة لهذه القبائل الامازيغية باليمنيين و لا بجيناتهم بل لا يوجد اي دليل على عروبة الحميريين و السبئيين في الاحاديث النبوية المتفق على صحتها  

لهذا سنكشف لكم ضعف إسناد((حديث أبناء سبأ العشرة العرب) ) ومتنه .

  تنبيهات مهمة قبل الدخول في تفاصيل الدراسة الحديثية :

 من القناعد الكمهمكة في علم دلااسة الحديث انه يجب التحري في معرفة صحة الحديث النبوي سنداً ومتناً ، و السند هو التحقيق في الروات الذين نقلوا الينا الحديث من الرسول عليه الصلاة و السلام الى غاية وصوله الى كاتب الحديث ومدونه بينما المتن هو التحقيق في موضوع الحديث  والحديث الضعيف ليس بحجة لا في الأنساب ولا في غيرها ، فضلاً عن الضعيف جداً والموضوع . وكثير من الناس يغفل عن هذه الجزئية ، فيكون كحاطب ليل ، فيستدل بأحاديث لا زمام لها ولا خطام 

 اما حديث ( سبا ولد عشرة من العرب ) فلم ينل هذا الحديث حظه من الدراسة لا قديماً ولا حديثاً ، اللهم إلا شذرات هنا وهناك ، باعتبار أنه يتعلق بالأنساب ، وقد انصبت اهتمامات المحدثين العظماء - في الغالب - على العناية بالأحاديث التي ترتبط بالشريعة كأحاديث الأحكام والعقائد ونحوها ولم تهتم بالتحقيق العميق في روايات الانساب.

  الحكم على الحديث :

هذا الحديث ضعيف سنداً ومتناً ،و لا يمكن الاستدلال به على عروبة السبئيين او اليمنيين  وسينتظم كلامنا في هذين المسلكين :

 المسلك الأول : المسلك السندي (رواة الحديث):

وسنتناول ضعف الحديث من ناحية الإسناد من خلال ذِكْرِنا لطرقه المختلفة و التي يشترط ان لا تكون في سلسلة رواة الحديث شخصية مجهولة او منكورة عند العلماء او متهم بالوضع و التدليس  

 الحديث مروي من عدة طرق تختلف سلسلة الرواة من الواحد للاخر :

هذا الحديث له عدة طرق عن فروة بن مسيك المرادي-رضي الله عنه -:

الطريق الأول : طريق أبي سبرة النخعي :

أخرجه أبو داود في "سننه" (4/ 34) ، (برقم : 3988) ، والترمذي في "سننه" (5/ 361) ، (برقم : 3222) ، وأحمد في "المسند" (39/527، 528) ، (برقم: 88) ، وفي "العلل ومعرفة الرجال - رواية ابنه عبد الله" (3/ 430) ، (برقم: 5830) و(رقم: 5831) ، ويعقوب بن سفيان الفسوي في "مشيخته" (ص: 108) ، (برقم: 139) ، وابن أبي شيبة في "المصنف" (2/225، 226) ، (برقم: 713) ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3/ 321) ، (برقم: 1699) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 324) ، (برقم: 836) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (8/ 454 ، 455) رقم (3379) ، وابن عبد البر في "الإنباه إلى قبائل الرواه" (ص: 101) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (66/260، 261) ، عن الحسن بن الحكم ، عن أبي سبرة النخعي ، عن فروة بن مسيك .

وهذا الإسناد ضعيف، فيه علتان :

 

● العلة الأولى : جهالة أبي سبرة عبد الله بن عابس النخعي :

 قال يحيى بن معين : (لا أعرفه) .

انظر :  ابن أبي حاتم في ”الجرح والتعديل“ (9/ 384)، وانظر: “تهذيب الكمال“ (33/ 340).

وقال عنه ابن حجر : (مقبول) ، يعني عند المتابعة ، وإلا فلين الحديث .

انظر: ”تقريب التهذيب“ (ص: 643).

 

● العلة الثانية : ضعف الراوي أبي الحكم الحسن بن الحكم النخعي :

 قال ابن حبان : (يخطىء كثيراً ، ويهم شديداً ، لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد) .

انظر : ”المجروحين“ (1/ 233).

 وأورده الذهبي في "ديوان الضعفاء" .

”ديوان الضعفاء“ (ص: 79).

 وقال عنه ابن حجر : (صدوق يخطىء).

انظر : ”تقريب التهذيب“ (ص: 160).

الطريق الثاني: طريق البراء بن عبد الرحمن :

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (18/ 324) ، (برقم: 835) ، وفي مسند الشاميين (1/ 259) ، (برقم: 448) ، عن البراء بن عبد الرحمن ، عن فروة بن مسيك .

وهذا إسنادٌ ضعيف :

فيه : البراء بن عبد الرحمن ، وهو رجل مجهول الحال ، لم يذكره أحد من علماء الرجال بجرحٍ ولا تعديل

الطريق الثالث : طريق يحيى بن هاني :

أخرجه أحمد  في "العلل ومعرفة الرجال لأحمد رواية ابنه عبد الله" (3/ 430) ، (برقم: 5829) ، والكلبي في "نسب معد واليمن الكبير" (1/ 132) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 323) ، (برقم: 834) ، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 2287) ، (برقم: 5656) ، وفي "تاريخ أصبهان" (1/ 244) ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (2/336، 337) ،

وابن عبد البر في "القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم" (ص : 20) ، وفي "الإنباه إلى قبائل الرواه" (ص: 101، 102) ، عن أبي جناب الكلبي ، عن يحيى بن هاني .

وهذا الطريق فيه : يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي من أهل الكوفة .

 قال عنه يحيى بن معين : ( ليس بشيء) .

انظر كتاب ”المجروحين“ (3/ 111).

 وقال ابن حبان : (كان ممن يدلس على الثقات ما سمع من الضعفاء ؛ فالتزق به المناكير التي يرويها عن المشاهير ، فوهاه يحيى بن سعيد القطان ، وحمل عليه أحمد بن حنبل حملاً شديداً) .

انظر كتاب ”المجروحين“ (3/ 111).

 وقال الجورقاني : (متروك الحديث) .

انظر : ”الأباطيل والمناكير“ (1/ 524).

الطريق الرابع من رواة الحديث: طريق سعيد بن أبيض بن حَمَّال المأربي :

أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3/ 322) ، (برقم: 1700) ، و(4/ 418) ، (برقم: 2469) ، والحاكم في "المستدرك" (2/ 460) ، (برقم: 3586) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/ 326) رقم (838) ، عن فرج بن سعيد ، عن عمه ثابت بن سعيد ، عن أبيه سعيد .

وهذا الإسناد ضعيف فيه علتان :

● العلة الأولى : جهالة ثابت بن سعيد بن أبيض بن حَمَّال المأربي .

● العلة الثانية : جهالة سعيد بن أبيض بن حَمَّال المأربي .

 قال الذهبي : (سعيد بن أبيض بن حمال: فيه جهالة) .

انظر كتاب ”ميزان الاعتدال“ (2/ 126).

 

التحقيق في متن الحديث اي موضوع الحديث وهو المسلك الثاني :

 المسلك المتني وهذا المسلك فيه وجهان :

 الوجه الأول : اضطراب المتن :

لقد اضطرب الرواة في متن هذا الحديث ، وهاكم نقاط الاضطراب :

أولاً : أورد الحديث أبو داود في سننه ، ولم يذكر في روايته الأسماء العشرة .

فرواه عثمان بن أبي شيبة ، وهارون بن عبد الله ، عن الحسن بن الحكم النخعي ، عن أبي سبرة النخعي ، عن فروة بن مسيك بدون ذكر الأسماء !.

 

  ثانياً : جاء في رواية الترمذي المذكورة أعلاه : (لخم) ، وورد في بعض الروايات في طريق أبي سبرة النخعي : (عَك) !.

انظر : رواية أحمد في ”المسند“ (39/ 528) رقم (87).

  ثالثاً : جاء في طريق البراء بن عبد الرحمن (قضاعة) بدل (غسان) !! .

انظر : رواية الطبراني في ”مسند الشاميين“ (1/ 259) رقم (448).

 

 الوجه الثاني : نكارة المتن :

وتتضح نكارة المتن من خلال النقاط التالية :

أولاً : الحديث جعل أبناء سبأ عشرة :

والمعروف في كتب الأنساب أن (سبأ) له ابنان هما (حِمْيَر) ، و(كهلان) .

ومن هنا حاول بعض العلماء أن يجدوا حلاً لهذه المعضلة :

  قال ابن كثير: (ومعنى قوله  : «وَلَدَ عَشْرَةً مِنَ العَرَبِ» : أي كان من نسله هؤلاء العشرة الذين يرجع إليهم أصول القبائل من عرب اليمن ، لا أنهم وُلِدُوا من صلبه ، بل منهم من بينه وبينه الأبوان والثلاثة ، والأقل والأكثر ، كما هو مقرر مبين في مواضعه من كتب النسب) .

انظر كتاب ”تفسير ابن كثير“ (6/ 447).

ولكن عزيزي القارئء تلاحظ جيدا ان  ظاهر الحديث صريح أنه يقول ولد  سبا عشرة أبناء ، فالأصل أنهم من صلبه  لهذا هو يتناقض مع المسلمات التاريخية و لعلم الانساب للقبائل اليمنية.

 

ثانياً :  جعل (حِمْيَر) أخاً للتسعة أبناء المذكورين :

و(حِمْيَر) أمة كبيرة من قحطان ، وهي بكل روايات الأنساب القديمة ليس أخاً لهؤلاء القوم . فكيف يستقيم أن يكون حِمْيَر أخاً لهؤلاء  ؟! .اذا هذا الحديث يتناقض كليا مع كل روايات الانساب اليمنية في القديم و الحديث

  ثالثاً : الحديث لم يذكر اسم (كهلان) البتة في الأسماء :

طالما أن الحديث ذكر (حِمْيَر) فإن المتبادر إلى الذهن أن يذكر (كهلان) باعتباره أخاً لحمير حسب مشجرات الأنساب القديمة الواردة في كتب التاريخ ، ولكن نتفاجأ أن الحديث ذكر حمير ، وذكر إخوانه قبائل منتسبة لكهلان ، ولم يتعرض لكهلان البتة ! .

  رابعاً : لم يذكر الحديث (همدان) مع أنها من سبأ :

لم يذكر الحديث همدان مع أنها من قبائل سبأ الكبيرة والمعروفة ، ولم يتطرق الحديث لفروعها من حاشد وبكيل .ونحن نرى ان بطونها متواجدة ومذكورة في المراجع القديمة و الحديثة الى يومنا هذا

 

شواهد الحديث وللحديث عدة شواهد :

 

 الشاهد الأول : حديث ابن عباس :

 

عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما، قال : «إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ عَنْ سَبَأٍ مَا هُوَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ أَرْضٌ؟ فَقَالَ : هُوَ رَجُلٌ وَلَدَ عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ سِتَّةً مِنْ وَلَدِهِ بِالْيَمَنِ وَأَرْبَعَةٌ بِالشَّامِ ، فَأَمَّا الْيَمَانِيُّونَ فَمَذْحِجٌ ، وَكِنْدَةُ ، وَالْأَزْدُ ، وَالْأَشْعَرِيُّونَ ، وَأنْمَارُ ، وَحِمْيَرُ خَيْرٌ كُلُّهَا ، وَأَمَّا الشَّامِيُّونَ فَلَخْمٌ ، وَجُذَامُ ، وَعَامِلَةُ ، وَغَسَّانُ» .

أخرجه أحمد في "المسند" (5/ 75) رقم (2898) ، وفي "فضائل الصحابة" (2/ 865) رقم (1616) ، والحاكم في "المستدرك" (2/ 459) رقم (3585) ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (8/453، 454) رقم (3378) ، وابن وهب في "الجامع" (ص: 57) رقم (21) ، وابن عبد البر في "القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم" (ص: 20) ، عن عبد الله بن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن علقمة (أو عبد الرحمن) بن وعلة ، عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما .

 وهذا الحديث ضعيف ، فيه علتان :

   العلة الأولى : الحديث مداره على عبد الله بن لهيعة ، وهو ضعيف الحديث :

  قال ابن عدي : (وهذا لا أعلمه يرويه غير ابن لهيعة بهذا الإسناد) .

انظر كتاب ”الكامل في ضعفاء الرجال“ (5/ 251).

وابن لهيعة هو : عبد الله بن لهيعة بن عقبة أبو عبد الرحمن الحضرمي . وهو رجل ضعيف الحديث ، كانت له كتب فاحترقت ؛ فحدث من حفظه فخلط ، فأصبح سيئ الحفظ .

وفي هذا الرجل كلام كثير حول توثيقه وتضعيفه ، وكثير من العلماء لم يفصلوا في حاله ، بل ردوا حديثه مطلقاً .

 قيل لعبد الرحمن بن مهدي : نحمل عن ابن لهيعة ؟ قال : (لا ، لا تحمل عنه قليلاً ولا كثيراً) .

انظر كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (5/ 146).

 وقال يحيى بن معين : (ابن لهيعة ليس بشيء ؛ تغير ، أو لم يتغير) .

انظر كتاب "من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال" (ص: 108).

 

 وقال أبو زرعة وأبو حاتم : (أما ابن لهيعة فأمره مضطرب ، يُكْتَب حديثه على الاعتبار) .

انظر كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (5/ 147).

 

العلة الثانية : أن الإسناد فيه اختلاف واضطراب :

 

فقد اختلف في إسناد هذا الحديث على ثلاثة وجوه :

 

- عن عبد الله بن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن علقمة بن وعلة السبئي ، عن ابن عباس ، عن النبي .

وعلقمة هذا مجهول .

 

- عن عبد الله بن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي ، عن ابن عباس ، عن النبي .

 

- عن عبد الله بن لهيعة ، عن ابن هبيرة ، عن علقمة بن وعلة السبئي عن النبي  .

انظر كتاب ”المعجم الكبير“ للطبراني (12/ 240) رقم (12992).

وهذا فيه جهالة علقمة والإرسال.

و النتيجة  تجد هذا الاضطراب الواضح في إسناد هذا الحديث ، وهذا كله يوضح لك ضعف الحديث .

 

 الشاهد الثاني : حديث يزيد بن حصين بن نمير :

عن يزيد بن حصين بن نمير أن رجلاً قال : يا رسول الله ، فذكر الحديث بنحوه .

أخرجه ابن شَبَّة في "تاريخ المدينة" (2/ 551) ، وابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير" (2/ 748) رقم (3165) ، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 245) ، (برقم: 639) ، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة" (5/ 2797) رقم (6633) ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (65/ 155) ، وابن عبد البر في "القصد والأمم في التعريف بأصول أنساب العرب والعجم" (ص: 20) ، من طريق موسى بن علي بن رباح اللخمي ، عن أبيه ، عن يزيد بن حصين بن نمير .

 

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ ، مليء بالعلل :

 

● العلة الأولى : الصواب في رواية حصين بن نمير أنها مرسلة .

جاء في رواية ابن أبي خيثمة عن يزيد بن حصين بن نمير ، عن تميم ، وفي رواية ابن عبد البر قال : (عن تميم الداري) ، والصواب رواية الإرسال .

 قال ابن عدي -عن يزيد بن حصين بن نمير : (لا أعرف له من المسند شيئاً) .

انظر كتاب "الكامل في ضعفاء الرجال" (9/ 170).

 

● العلة الثانية : تميم لا يصح حديثه :

 قال أبو نعيم : (تميم غير منسوب ، روى عنه يزيد بن حصين في قصة سبأ ، وقيل إنه تميم الداري ، ولا يصح حديثه) .

انظر كتاب "معرفة الصحابة" (1/ 458).

 

● العلة الثالثة : حصين بن نمير ضعيف :

 قال يحيى بن معين : (حصين بن نمير: ليس بشيء) .

انظر كتاب "تاريخ ابن معين - رواية الدوري" (4/ 57).

 

● العلة الرابعة : يزيد بن حصين بن نمير مجهول لا يعرف .

 قال ابن عدي : (يزيد بن حصين أيضاً ليس بمعروف) .

انظر "الكامل في ضعفاء الرجال" (9/ 170).

  شبهات والجواب عنها :

 

الشبهة الأولى: القول بتصحيح الحديث بمجموع الطرق والشواهد :

 

قال بعضهم : صحيح إن هذه طرق الحديث كلها ضعيفة ، ولكنها تتقوى ببعضها ، ومعلوم في علم الحديث : أن الحديث يتقوى بمجموع الطرق والشواهد ، فإذا ضُمَّت هذه الطرق إلى بعضها ، وأضيف إليها شاهد حديث ابن عباس ازدادت قوة إلى قوة .

الجواب أن نقول : القاعدة الحديثية في حد ذاتها صحيحة ، ونحن نقول بها ، ولكن هذا في حالة سلامة المتن من النكارة والغرابة ، وأما مع وجود نكارة المتن ؛ فلا يمكن أن يُصَحَّح أو يُحَسَّن الحديث بمجموع الطرق ؛ لأنه في هذه الحالة لا تفيد كثرة الطرق شيئاً ، بل ستذهب أدراج الرياح !.

 

الشبهة الثانية : تصحيح عدد من العلماء للحديث :

 

قال بعضهم : هذا الحديث صححه وحسنه عدد من علماء الحديث ، وهاك أقوالهم :

 قال الترمذي عن حديث فروة : (هذا حديثٌ حسنٌ غريب) .

 وقال الحاكم عن حديث ابن عباس : (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وشاهده حديث فروة بن مسيك المرادي) ، وأقره الذهبي .

 وقال ابن كثير : (وهذا إسناد حسن) .

 وقال أحمد شاكر عن حديث ابن عباس : (إسناده صحيح) .

 وقال الألباني : (حسن صحيح) .

 

والجواب على ذلك يكون من وجوه :

 

● الوجه الأول : أن العلماء الذين صَحَّحُوا الحديث أو حَسَّنُوه قَوَّوْهُ بمجموع الطرق والشواهد ، ولم يصححوه أو يحسنوه لذاته ، إذ أن طرقه كلها ضعيفة ، لا يثبت منها طريق واحد من ضعفٍ . والتحسين بمجموع الطرق أقل درجات القوة في الحديث ، وهي مسألة تتجاذبها الأقوال ، وهي قاعدة لا تسلم من طعن أو اعتراض في كثير من الأحيان ، لأنها كما ذكرنا مبنية على انجبار الطرق وتقويتها بعضها ببعض

● الوجه الثاني : أن هؤلاء العلماء الذين حسنوا الحديث إعمالاً لقاعدة تحسين الحديث بمجموع الطرق والشواهد ، لم يتنبهوا لنكارة المتن ، ولم يتفطنوا للإشكالات الواردة فيه ، ولو تنبهوا لذلك لما حَسَّنُوه ، ولذلك حينما فطن الإمام ابن العربي المالكي لعلل المتن حكم بضعفه سنداً ومتناً .

 

● الوجه الثالث : أن الحجة ليست في كثرة المصححين للحديث ، وإنما في الأدلة العلمية الحديثية التي يستند عليها الحاكمون على الحديث ، والتي توجب صحته أو حسنه أو ضعفه .

 

● الوجه الرابع : نتكلم عن كل حكم بمفرده :

 إن قول الترمذي : (حسن غريب) ؛ هي درجة أقل من قوله : (حديث حسن) ؛ ففي قوله هذا إشارة إلى غرابة متن الحديث وإسناده ، وإن تبنى تحسينه بمجموع طرقه !.

 وأما الحاكم : فمعروف بتساهله في التصحيح في ”المستدرك“ ، والذهبي وقعت له أوهام كثيرة في ”تلخيصه على المستدرك“ نبه عليها العلماء من بعده .

 وبالنسبة للقاضي أحمد شاكر : فإنه يصحح أحاديث ابن لهيعة مطلقاً من غير تفصيل ، وهذا من تساهله الذي تكلم عنه العلماء كثيراً أمثال المحدث الألباني والحويني وغيرهما .

 وأما الألباني : فقد بنى حكمه على قاعدة التقوية بالطرق والشواهد ، وقد بَيَّنَّا أن الحديث لا يمكن تصحيحه بالطرق والشواهد لوجود النكارة المتنية !.

 

● الوجه الخامس : أن عدداً من الحفاظ والمحدثين ضعفوا الحديث :

هذا الحديث ضَعَّفَهُ جماعة من علماء الحديث وأساطين الجرح والتعديل ، وهم من هم في العلم والتحقيق ، فإن لم يكونوا أعلم ممن صححوه فليسوا بأقل منهم. فإذا احتج المخالفون بكلام العلماء الذين صححوا الحديث ، فنحن نحتج بكلام العلماء الذين ضعفوه. وعليه فلا يكون كلام المخالفين حجة دون قولنا .

وهؤلاء هم العلماء الذين ضعفوا الحديث :

أولاً : الإمام ابن حبَّان ( ت : 354هـ ) :

حيث ذكر راوي الحديث ( يحيى بن أبي حية ، أبو جناب، الكلبي ) في "كتاب المجروحين" فضَعَّفَهُ ، وأورد له هذا الحديث كمثال على رواياته الضعيفة.

انظر كتاب المجروحين الجزء 3 (/111، 112)

رابط تحميل الكتاب 

https://maknoon.org/ai/bk/magrohen03/magrohen03.pdf



ثانياً : المحدث ابن القيسراني ( ت : 507هـ ) :

فقد أورد الحديث طرف حديث أبناء سبأ في "تذكرة الحفاظ" ، وقال : (رواه يحيى بن أبي حية ، عن يحيى ، عن هانئ ، عن فروة بن مسيك .

قال: ويحيى هذا ليس بشيء في الحديث) .

انظر تذكرة الحفاظ (ص: 66).

رابط التحميل

https://ia902808.us.archive.org/19/items/alfirdwsiy2018_gmail_1905/1%20%20.pdf



ثالثاً : القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي (ت: 543هـ) :

فقد حكم بضعف الحديث سنداً ومتناً، فقال: (فيه اختلاف عظيم ، لم يتحصل سنداً ؛ لعدم الثقة برواية ، ولا تحصل متناً).

انظر كتاب عارضة الأحوذي (الجزء12/  صفحة71).

رابط الكتاب 

https://ia801400.us.archive.org/14/items/3aridat_ala7whti/%D8%%D9%8A.pdf



رابعاً : الحافظ نور الدين الهيثمي (ت: 807هـ) .

فقد ضَعَّف حديث ابن عباس بقوله : (رواه أحمد والطبراني ، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف ، وبقية رجالهما ثقات .

انظر كتاب مجمع الزوائد (7/ 94).

 رابط الكتاب 

https://maknoon.org/ai/bk/07_16027_1/07_16027_1.pdf

وضَعَّف كذلك رواية يزيد بن حصين السلمي بقوله : (رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني علي بن الحسن بن صالح الصائغ ، ولم أعرفه) .

انظر مجمع الزوائد (7/ 94).

 


خامساً : المحدث أبو العباس البوصيري (ت: 840هـ) :

حيث تناول حديث ابن عباس وأسانيده، وقال فيه : (ومدار هذه الأسانيد على عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف) .

انظر كتاب إتحاف الخيرة المهرة (1/ 338).

رابط الكتاب


https://ia802609.us.archive.org/2/items/IthafKhayira/01_37755.pdf



 الخلاصة :

 أن (حديث ولد  سبأ عشرة ابناء عرب ) ضعيف سنداً ومتناً ، وبالتالي لا يصح الاعتماد عليه

الأحاديث الضعيفة والموضوعة كانت سببًا رئيسًا للخرافات والأساطير التي ملأت كتب التاريخ والأنساب العربية إلى جانب طموح بعض الاخباريين المنتسبين إلى "قحطان" لبناء مشجرة أنساب تضاهي مشجرة بني اسماعيل في عدة آبائهم ، ولذلك فإنهم قفزوا قفزات صاروخية حتى وصلوا إلى أحفاد سام بن نوح عليه السلام ، مستعينين بالضعيف والموضوع والاسرائيليات والاستنتاجات الغير موفقة لكن الحقيقة امامنا لا سبا وحمير عرب و لا هم يحزنون و لا الامازيغ عرب عاربة من اليمن كما يكذب الكاذبون 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق